أسعد الناصري
رجل دين، وأستاذ
في الحوزة العلمية، خطيب، وإمام جمعة لعدة
سنوات في عدد من محافظات العراق، وأبرزها في مسجد الكوفة. والذي
ترك الزي الحوزوي دعماً لاحتجاجات تشرين التي اندلعت في العراق عام 2019م. وشارك المنتفضين في ساحة الحبوبي الواقعة في
مدينة الناصرية.
ولادته
تاريخ الولادة: 11/ 6/ 1972م
مكان الولادة: الناصرية/ ذي قار/ العراق.
نشأته
نشأ في الناصرية، وأكمل فيها دراسته
الأكاديمية، فتخرج من مركز التدريب المهني (المعادل لإعدادية الصناعة).
تم تعيينه بعد التخرج في منشأة البتروكيمياويات في البصرة سنة 1989م، ثم انتقل إلى معمل المنسوجات الصوفية في الناصرية، إلى أن قامت الانتفاضة الشعبانية سنة 1991م. فبدأت الحوزة بعدها بسنتين تقريباً تفتح أبوابها للراغبين في دراسة العلوم الدينية، بعد فترة من تحجيم دورها، والتضييق عليها من قبل النظام السابق. فدخل الحوزة العلمية عام 1993م.
ثقافته
كان الشيخ أسعد الناصري مهتماً بكل ما
يتعلق بالدين، وله ثقافة جيدة في ذلك. حتى أنه أصبح خطيباً يعتلي المنبر وله
من العمر 17 سنة. وكانت له محاضرات تتميز بالوعي والثقافة. كان يحب المطالعة
واقتناء الكتب في مقتبل العمر. ولم تكن قراءته تقتصر على الكتب الدينية. بل تعداها
إلى الكتب العلمية في مختلف حقول المعرفة. مضافاً إلى الروايات والأدب. وفي تلك
الفترة لم تكن الحوزة في
النجف قد
فتحت أبوابها بالشكل الذي حصل بعد الانتفاضة. نظراً
لما كان يمر به المجتمع العراقي من الضغوطات وتحجيم الحريات، ومحاربة المتدينين
وتتبعهم من أجل أقل نشاط ديني. ولكن الضعف الذي حصل في قوة النظام الحاكم بعد
انتفاضة آذار سنة 1991م، منح للحوزة فرصة الظهور وفتح باب الدراسة للراغبين فيها.
وخصوصاً بعد تصدي المرجع الديني السيد الشهيد محمد الصدر للمرجعية.
فعند ذاك ترك الشيخ أسعد الناصري
وظيفته الحكومية وانتقل إلى النجف للدخول
في الحوزة العلمية. وبالفعل
تجاوز امتحانين في الفقه والأخلاق
من أجل القبول. وذلك عن طريق مكتب
السيد الشهيد محمد الصدر.
التحاقه بالحوزة العلمية في النجف
التحق بالحوزة العلمية في النجف الأشرف، وتدريج في الدراسة بحسب المراحل المعروفة في الحوزة من المقدمات والسطوح والبحث الخارج، على يد عدد من الأساتذة. فدرس الفقه والأصول والعقائد والمنطق والنحو والبلاغة، مضافاً إلى التفسير وما يرتبط بعلوم القرآن.
دخل إلى الحوزة خطيباً،
وقد بدأ نجمه يبزغ في الأوساط النجفية منذ البداية. وقد كان يلقي المحاضرات في
بيوتات النجف المعروفة،
ومن بينها مجالس العلماء. حتى عبَّر عنه بعض العلماء بخطيب العلماء.
بدأ المرجع الديني محمد الصدر آنذاك
يعرفه ويقرِّبه منه ويعتني به عناية خاصة. حتى أصبح من طلبته المقربين ومن
العاملين إلى جانبه في مكتبه. وكان عمله معه كسكرتير خاص، مضافاً لأعمال أخرى.
عين إماماً للجمعة في الناصرية وغيرها.
وكذلك عيَّنه السيد الشهيد الصدر قاضياً شرعياً في الناصرية. ولكنه
وبسبب الضغوطات الكبيرة والمنع الذي حصل من قبل السلطات الحاكمة آنذاك، انتقل إلى النجف من
أجل القضاء.
قام بتقرير كتاب (شذرات من فلسفة
تأريخ الحسين) عن محاضرات أستاذه السيد الشهيد محمد الصدر،
الذي كان يلقي تلك المحاضرات في جامع الرأس. وكذلك كان من الملتزمين في الحضور
لدروس السيد الشهيد في تفسير القرآن.
وقد عمل أيضاً مديراً للتحرير في
(مجلة الهدى) التي كان يصدرها مكتب السيد الشهيد محمد الصدر. وكان
للشيخ عمود فيها حول تفسير القرآن. وكانت
له أيضاً عدة نشاطات دينية واجتماعية، والتي منها ذهابه لإلقاء المحاضرات في الناصرية بمناسبة
شهر رمضان لأكثر
من سنة.
اعتقاله
وفي سنة 1999م كان في مدينته الناصرية من أجل المحاضرات، ويمارس القضاء الشرعي أيضاً. فقامت مديرية أمن ذي قار باعتقال إمام الجمعة في الناصرية. فتصدى الشيخ أسعد الناصري لإعلام الناس بطريقة ذكية وطلب من الناس التفرق. أما هو فسوف يذهب إلى مديرية الأمن للاستفسار عن إمام الجمعة. فعلم الناس المغزى، وأن إمام الجمعة معتقل. ولكنهم لم يتفرقوا عنه. واستمروا بالتواجد في مكان الصلاة مع الهتافات والأهازيج التي تحولت إلى تظاهرة ضد النظام البائد بشكل غير معهود. وانتشرت هناك الكثير من سيارات مختلف الأجهزة الأمنية. وحاول بعض رجال الأمن إيصال طلب إلى الشيخ أسعد الناصري بأن يصلي في الناس لكي يتفرقوا ولكنه رفض. لأن التعليمات في حينها كانت صادرة من السيد الشهيد محمد الصدر بأن اعتقال إمام الجمعة إذا حصل، فليس لغيره أن يقيم الجمعة، لكي لا يمضي الحدث بسهولة من دون علم الناس. مع العلم بأن الشيخ كان قاضياً شرعياً وإماماً للجمعة أيضاً. ولكنه التزم بالتعليمات. ومن ناحيته لم يحرِّض الناس على فعل شيء، وإنما وجههم بالتفرق بعد انتهاء الوقت الشرعي لصلاة الجمعة الذي يقرب من الساعة والنصف. وهو سيذهب بنفسه إلى مديرية الأمن. فيكون من هذه الناحية غير مسؤول شرعاً عن القرار الذي اتخذه بعض المصلين بالبقاء والذهاب معه. فهي مبادرة نبيلة وعظيمة منهم جزاهم الله خيراً. وعند انتهاء الوقت الشرعي لصلاة الجمعة ارتقى الشيخ المنبر مرة أخرى ووجههم بالتفرق وأنه سوف يذهب. ولكن الكثير من الناس أحاطوا به وقرروا الذهاب معه. ولكثرة الزحام انطلق بصعوبة نحو مديرية الأمن والناس يركضون معه. حتى بدأ إطلاق النار عليهم من قبل البعثيين المتواجدين قريباً من المكان. وبعد تفاصيل رواها الشيخ في تسجيل صوتي منشور على قناته على اليوتيوب، وتجدونه على هذا الموقع أيضاً. تم اعتقاله من قبل مديرية أمن الناصرية.
وهذا الحدث قد هزَّ المجتمع في حينها، وقد وصلت الأخبار إلى بغداد فوراً. بل وصلت إلى الطاغية صدام نفسه كما أخبره بعض أزلام النظام البائد. وقد كان الحدث موضع اهتمام بعض إذاعات المعارضة آنذاك، وسلطوا الأنظار حوله بشكل مكثف.
وقد طالب المرجع الديني السيد الشهيد محمد الصدر السلطةَ
بإطلاق سراحهم من على منبر الكوفة بمطالبات
معروفة وموثقة. وهذا
الاعتقال ليس هو الأول، بل اعتقل الشيخ أسعد الناصري أكثر من مرة على يد الأجهزة الأمنية الصدامية،
بسبب مواقفه الشجاعة والمناهضة للنظام البائد.
المهجر
عند انتقال الشيخ أسعد الناصري إلى سوريا، كانت له هناك عدة نشاطات دينية
واجتماعية. مضافاً إلى أنه استأنف دراسته هناك في المراحل الدراسية العليا في الحوزة بما
يعرف بالبحث الخارج. وكان أستاذه في الفقه هو الشيخ عبد الكريم الحائري. وأستاذه
في الأصول والقواعد الفقهية هو الشيخ فاضل الصفار.
مضافاً إلى قيامه هو بالتدريس
والكتابة وإلقاء المحاضرات. فقد درَّس الفقه والعقائد
والتفسير
وغيرها.
عودته للوطن
وبعد سقوط النظام البائد سنة 2003م عاد الشيخ أسعد الناصري إلى العراق، وسكن في الناصرية. وكانت له عدة نشاطات. فقد كان إماماً للجمعة والجماعة. وكذلك الاستمرار بإلقاء المحاضرات التي تتميز بالوعي والثقافة. وقاد عدة مظاهرات ضد المحتل من أجل أن تكون المجالس البلدية منتخبة من قبل الشعب وليس بتنصيب من قبل سلطة الاحتلال. وقد تحقق ذلك على يده من بعد سنة كاملة من المطالبات والمظاهرات، فحصلت انتخابات محلية محدودة لاختيار المجلس البلدي في الناصرية.
إكمال الدراسة
وبعد مرور سنتين انتقل إلى النجف من
أجل إكمال دراسته. فقد حضر البحث الخارج على يد عدد من الأساتذة الكبار كان أبرزهم
الشيخ محمد إسحاق الفياض، والسيد علي السبزواري والشيخ صادق
الناصري. مضافاً إلى نشاطاته الأخرى كإمامة الجمعة في مسجد الكوفة. وكذلك
انشغاله بالكتابة.
مؤلفاته
صدرت له عدة كتب:
3- خواطر وذكريات من عدة حلقات. طبع منه حلقتان، والمخطوط حلقة ثالثة.
4- القِبلة في فكر السيد الشهيد.
5- كتاب (من فيض الجمعات) صدر منه الجزء الأول. والمخطوط منه تسعة أجزاء.
6- تقريره لكتاب شذرات من فلسفة تأريخ الحسين.
مضافاً إلى عدد من المقالات المنشورة في مختلف المواقع الإلكترونية.
دراسته في قم
سافر إلى قم أيضاً للإطلاع على بحوثها هناك زيادة
في الإحاطة والتوسع العلمي. وحضر بحوث السيد علي رضا الحائري في أصول الفقه. وبحوث
الشيخ حيدر حب الله في
الأصول (مبحث شمول الشريعة، بحوث في مديات المرجعية القانونية بين العقل والوحي). والشيخ
حسين شهيدي في الفقه.
عاد بعدها إلى النجف متفرغاً للدرس
والبحوث، حتى اندلعت احتجاجات تشرين سنة 2019م. وكان من الداعمين للمتظاهرين ومن
المناهضين للأحزاب الحاكمة وميليشياتها التي كانت السبب في دمار العراق وتردي
أوضاعه الخدمية والاقتصادية والسياسية.
أساتذته
تتلمذ على يد المرجع الديني السيد الشهيد محمد الصدر، والمرجع الديني الشيخ محمد إسحاق الفياض، والفقيه الشيخ عبد الكريم الحائري، والفقيه الشيخ فاضل الصفار، والفقيه الشيخ صادق الناصري، والفقيه السيد علي رضا الحائري. وأسماء أخرى من أساتذة الحوزة المبرزين على مختلف المراحل الدراسية.
ثورة تشرين
شارك في تظاهرات تشرين التي اندلعت في العراق سنة 2019م. وترك خلالها الزي الحوزوي. ونصب لنفسه خيمة في ساحة الحبوبي مع المعتصمين في الناصرية ضد الأحزاب الحاكمة في العراق. وقد تعرض لحملات قوية من التهديدات، أعقبها تفجير منزله في مدينة النجف من قبل الميليشيات المتنفذة في السلطة الحاكمة والتي واجهت المتظاهرين بالعنف والقتل وحرق خيامهم. يذكر أن احتجاجات تشرين قد تعرضت على مدى عامين إلى عدة مجازر قتل واعتقالات وتغييب قسري. من أوضحها مجزرة الناصرية واقتحام ساحة الحبوبي عدة مرات في محافظة ذي قار. ومجزرة ساحة الصدرين في محافظة النجف. ومجزرة السنك والخلاني في العاصمة العراقية بغداد وقتل المتظاهرين في البصرة والكوت وميسان وغيرها من محافظات العراق التي تشهد احتجاجات مستمرة على السلطات، بسبب تردي الأوضاع الخدمية والأمنية، والفساد الحكومي وهدر المال العام وكثرة البطالة وقمع الحريات والتدخلات الخارجية التي تنتهك سيادة البلاد.
للشيخ أسعد الناصري الكثير من المتابعين على منصات التواصل الاجتماعي. التي يعبر من خلالها عن قناعاته حول مختلف القضايا العلمية والدينية والثقافية والاجتماعية والسياسية.
أحمد الناصري